Some Populer Post

  • Home  
  • احذروا نار الفتنة بقلم القس بولا فؤاد
- مقالات الكتاب

احذروا نار الفتنة بقلم القس بولا فؤاد

احذروا نار الفتنة بين الحين والآخر نجد أحداثًا  مؤسفة تقع في قرى محافظة المنيا، ونشعر وكأن المنيا أصبحت جزءًا مستقلًا عن بلادنا مصر. فهل الأحداث السابقة لم تدق لنا ناقوس الخطر؟! الفتنة تبدأ بكلمة وتنتهي بدم ودمار، تعبث بنسيج هذا الوطن وتزرع الشك بين أبنائه. لا شك أن الأحداث المؤسفة التي وقعت في الأيام الأخيرة […]

القس بولا فؤاد

احذروا نار الفتنة

بين الحين والآخر نجد أحداثًا 

مؤسفة تقع في قرى محافظة المنيا، ونشعر وكأن المنيا أصبحت جزءًا مستقلًا عن بلادنا مصر. فهل الأحداث السابقة لم تدق لنا ناقوس الخطر؟!

الفتنة تبدأ بكلمة وتنتهي بدم ودمار، تعبث بنسيج هذا الوطن وتزرع الشك بين أبنائه.

لا شك أن الأحداث المؤسفة التي وقعت في الأيام الأخيرة الماضية بقرية نزلة الجلف ببني مزار بمحافظة المنيا تدعو إلى الحزن والأسى.

الشرارة كانت بإشاعة أن فتى مسيحي (١٦ سنة – مراهق) تعرف على فتاة مسلمة (١٤ سنة – مراهقة).

اشتعلت شرارة الفتنة، فقام الدواعش ومن ينتمون إلى الإخوان المسلمين من القرية والقرى المحيطة تحت شعار “انصر أخاك…” بالاعتداء على بيوت وحقول المسيحيين جميعًا في القرية بالحرق، وكأن العقاب عقاب جماعي.

وهم بذلك ينفذون العقوبة التي أصدروا حكمها بأنفسهم غير مهتمين بالدولة أو بالسلطات المختصة، تاركين القانون، وأرادوا أن يأخذوا حقهم بأيديهم — منهج سكان الغابة.

إذا كان هذا الفتى (المجنون بالشهوة والأعمى الذي لا يعرف طريق العفة)، وإذا كان والداه قد أساءا تربيته، فهذا الولد محبوس على ذمة التحقيقات، وكان على الجميع أن يحترموا جهات التحقيق. وكذلك أهل الفتاة عليهم أن يدركوا أنهم قصّروا في العناية بابنتهم.

لكن ما حدث من تحريض وتجمهر وإرهاب للسكان وضربهم وحرق مزارعهم هو إهانة لمؤسسات الدولة.

لقد قاموا بمعالجة الجريمة بجريمة أخرى، وهي إقامة جلسة عرفية! فهل العُرف ينتصر على القانون؟ وهل يليق أن نتحول من دولة قانون إلى غابة البلطجية؟

ما جرى في الأيام الماضية جريمة كاملة الأركان ضد مفهوم الدولة وضد الدستور.

من يتعمد إنكار سلطة الدولة وفرض شريعة الغاب لا يعني سوى إعدام الدولة على الملأ وإهدار حقوق المواطنة التي كفلها الدستور.

حين تُفرض الإتاوات وتُشرّع البلطجة تحت مسمى “جلسات عرفية”، نكون قد انزلقنا رسميًا من دولة مؤسسات إلى مجتمع قبلي تحكمه البداوة وعصا القوي، حيث يسقط الضعيف صامتًا تحت سطوة التهديد والابتزاز.

الجلسات العرفية هي جلسات العار التي يُراد لنا أن نعتاد عليها. ليست حلًا يا دواعش، بل وصمة على جبين الوطن، تُنذر بانهيار ما تبقّى من احترام للقانون وفتح باب العودة للجاهلية بثوب جديد.

في كل مرة يتكرر المشهد ذاته: نفس المصطبة، نفس المسرحية، نفس الانكسار أمام منطق الغابة.

يُكمم صوت العدل وتُهان هيبة الدولة في وضح النهار، حين يعلو صوت العمدة على صوت القاضي، وتعلو قعدة الشلّة على المنصة. يبقى عليه العوض!

ما يزيد الطين بلة، أنه ظهر على الإنترنت شاب تجرد من مشاعر الإنسانية، خرج علينا وهو يرتدي فانلة “حمالات” (داخلية)، “ومن أمن العقاب ساء الأدب”، يشوح بيديه بحركات ليس بها حياء أو أدب، بلسان كله وقاحة وألفاظ تخدش الحياء.

إنه المدعو محمد بدري (الشهير بأحمد أبو حلو)، المقيم في المنيا، بفيديو كله تحريض وسب وقذف للمسيحيين الذين من المفترض أن يكونوا إخوته وشركاءه في الوطن.

وهو بالمناسبة بكامل وعيه وإدراكه، حتى لا يقال إنه معتوه أو فاقد العقل.

قام بعمل بث مباشر علني جاء فيه التهديد والتحريض الصريح على ارتكاب الجرائم التالية:

(أ) حرق كنيسة، والنطق بعبارات: “ده إحنا إن شاء الله هنولع في الكنيسة يا ولاد…”، و”يا رجالة عايزين نولع في الكنيسة”، وهي عبارات تمثل تحريضًا مباشرًا ومقصودًا على ارتكاب جناية إحراق أماكن عبادة عمدًا، والمشمولة في قانون العقوبات المصري بالعقوبة المشددة.

(ب) إثارة الفتنة الطائفية وازدراء الأديان (جناية/جنحة).

(ج) استهداف مكان عبادة خاص بطائفة دينية محددة (الكنيسة) والتهديد بالحرق.

(د) توجيه ألفاظ تحض على الكراهية والازدراء، مما يشكل أضرارًا بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي.

(هـ) السب والقذف العلني والفعل الفاضح (حركات غير لائقة بالأصبع) والتلفظ بألفاظ بذيئة علنًا، مثل “يا ولاد…”، موجهة إلى جمهور عريض، مما يشكل جريمة سب وقذف وإخلال بالآداب العامة.

الأسانيد القانونية (مواد الاتهام المقترحة والعقوبات المقررة):

تشكل الوقائع المذكورة جرائم جنائية معاقبًا عليها وفقًا للدستور والقانون المصري:

١- جريمة التحريض على إحراق أماكن عبادة عمدًا (جنائية).

المواد المستند إليها: المادة ١٧١ (التحريض)، والمادتان ٢٥٢، ٢٥٣ (جناية الحريق العمد) من قانون العقوبات.

العقوبة المقررة: السجن المشدد، سواء ترتب على التحريض فعل أم لم يترتب.

٢- جريمة إثارة الفتنة الطائفية وازدراء الأديان.

المادة المستند إليها: المادة ٩٨ (و) من قانون العقوبات.

العقوبة المقررة: الحبس من ستة أشهر إلى خمس سنوات أو الغرامة المشددة.

٣- جريمة التهديد بارتكاب جناية.

المادة المستند إليها: المادة ٣٢٦ من قانون العقوبات.

العقوبة المقررة: الحبس.

٤- جرائم السب والقذف العلني ونشر محتوى مخل بالآداب عبر الإنترنت.

المواد المستند إليها: المادتان ٣٠٦ و٣٠٨ من قانون العقوبات، والمادة ٢٥ من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات.

العقوبة المقررة: الحبس والغرامة المشددة.

إن ما صدر عن المتهم من تحريض وتهديد علني بحرق دور العبادة هو فعل من شأنه تعريض السلم والأمن الاجتماعي للخطر المباشر، ويهدد الوحدة الوطنية التي يكفلها الدستور المصري (المادة ٥٣).

كما أن استخدام الألفاظ النابية عبر منصات البث المباشر يمثل انتهاكًا صارخًا للآداب العامة والقيم الإنسانية.

لذلك، مطالبنا جميعًا – مسلمين ومسيحيين – ونظرًا لخطورة الوقائع المرتكبة التي ترقى إلى مرتبة الجنايات والجنح الواردة في قانون العقوبات وقانون تقنية المعلومات، نطالب الجهات المعنية باتخاذ الإجراءات الجنائية العاجلة ضد المتهم المدعو محمد بدري (الشهير بأحمد أبو حلو)، القاطن بمحافظة المنيا، وسرعة ضبطه وعرضه على النيابة العامة للتحقيق وتوجيه الاتهامات الواردة أعلاه، صونًا للأمن القومي وحماية للوحدة الوطنية.

الشرطة المصرية أظهرت كفاءة غير مسبوقة في أقل من ساعة واحدة، حين تم القبض على المالك الذي ضرب المستأجر المسن بالقلم — إنجاز أمني يُدرّس في كنف العدالة الانتقالية.

لكن السؤال البريء: المجرمون الذين ارتكبوا أعمالًا إجرامية في حق أقباط قرية نزلة الجلف (من حرق المنازل والمزارع)، هل عناوينهم غير معلومة؟!

يبدو أن في مصر الآن نوعين من السرعة: سرعة الضوء عندما يكون الضحية غير مسيحي، وسرعة السلحفاة عندما يكون الجاني (…).

في لفتة إنسانية تؤكد حرص الدولة على رعاية مواطنيها وصون كرامتهم، قام اللواء الدكتور حامد الشاذلي، محافظ السويس، بزيارة المواطن “غريب مبارك عبد الباسط” في محل إقامته للاطمئنان على حالته الصحية والنفسية عقب مغادرته النيابة العامة بعد الإدلاء بأقواله في واقعة التعدي التي تعرض لها مؤخرًا.

نتمنى أن نرى نفس الموقف من محافظ المنيا، حرصًا على إظهار الحقيقة الكاملة ومعاقبة من يثبت خطأه، ليُطبق القانون على الجميع بدون استثناء، فهذا هو جوهر دور الدولة — تحقيق العدالة وصون كرامة المواطن في جميع أنحاء الدولة بدون تفرقة أو استثناء.

أخيرًا، نريد سرعة القبض على الجناة، سواء بالتحريض أو بالفعل الإجرامي، وتقديمهم إلى محاكمة عاجلة ومحاسبتهم على هذه الأفعال الإجرامية لمنع تكرارها.

فلنأخذ العِبر والدروس مما حدث للبلدان حولنا، كيف أدت الفتن والانقسامات إلى ضياع تلك الدول.

لا للجلسات العرفية، خصوصًا عندما تكون بين مواطنين مختلفي العقيدة.

لا للتهجير القسري لأنه مخالف للدستور.

ومصر التي وقفت بقوة أمام تهجير إخوتنا الفلسطينيين، هل يجوز أن يُهجَّر مواطنون من ديارهم في عصر بناء مصر الجديدة التي تقوم على المواطنة؟

نطلب من الدولة المساواة بين المواطنين إذا كنا فعلًا ندعو إلى المواطنة السليمة، ولتكن المحبة الحقيقية “لا نحب بالكلام ولا باللسان، بل بالعمل والحق” بين أبناء الوطن الواحد — مسلمين ومسيحيين.

حساب الله للظالم:

ربنا حين يحاسب الظالم في يوم الدينونة، لن يحاسبه وحده فقط، إنما سيحاسب الذي سنده، والذي قواه، والذي دبر وخطط، والذي قال له “برافو” وشجعه على الظلم.

سيحاسب من عرف أنه ظالم وحاول أن يقنع المظلوم أنه مخطئ، وجعله فاقد الثقة في نفسه.

سيحاسب من صدّق دون أن يتأكد، وبنى صورة بعيدة عن الحقيقة.

سيحاسب الذي سكت، والذي خاف، والذي تهرب من نصرة الحق وهو يعرف الحقيقة.

سيحاسب الذي ألقى الفكرة في ملعب الظالم وقال له: “اتفضل”.

سيحاسب الذي ضحك ضحكة حقيرة في وجه المظلوم وقال له كلمة مستفزة.

وحدتنا ستظل درعًا يحمي بلادنا العزيزة مصر من كل شر، وسوف تظل بلادنا عامرة بالإيمان، وأيدينا متشابكة في سبيل وطن لا يعرف إلا السلام والوحدة.

حفظ الله بلادنا من كل شر ومن كل فتنة.

بصلوات قداسة البابا تواضروس الثاني، الرجل الحكيم الذي بمحبته وصمته أقوى من الكلام.

وإننا نثق أن هذه الأمور لا ترضي قائدنا ورئيسنا المحبوب عبد الفتاح السيسي.

تحيا مصر… تحيا مصر… تحيا مصر.

بقلم القس بولا فؤاد رياض

كاهن كنيسة الشهيد العظيم مارجرجس بالمطرية – القاهرة

Leave a comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

نبذة عنا

صحيفة سي جاي العربية هي واحدة من اهم اصدارات شركة Castle Journal البريطانية الدولية لانتاج الصحف والمجلات و مقرها لندن – المملكة المتحدة البريطانيه.

CJ  العربية © Published by Castle Journal LTD.